الاثنين، 21 أبريل 2014

لم أرسل إلا الى خراف إسرائيل


أرسل الله سيدنا المسيح إلي بني إسرائيل يدعوهم إلي الرجوع إلي التوحيد ويبشرهم باقتراب مجيء الرسول الخاتم، وكانت رسالته خاصة إلي بني، ولكن هذا لا يعني ان يسوع المسيح مطالب بسد من يلقاه عن إتباعه، وقد ورد فيالعهد الجديد انه شهد لإيمان امرأة غير يهودية ولكن بعد أن وضح ان رسالته خاصة ببني إسرائيل فقال : لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ( متى 15/24



إذا رجعنا إلي يوم البشارة ، عندما بشر الملاك جبريل لمريم العذراء، نجده يبشرها بولد سوف يرث مملكة داود عليه السلام، ويقوم بشؤون بني إسرائيل – يقول كاتب إنجيل لوقا
  وها أَنت سَتحَلِين وتلِدين ابْنا، وتسمينه يسوع.  إِنّه يكون عظِيماً، وابن الْعلِي يدعى، ويمنحه الرب الإِله عرش دَاود أَبِيه،  فيملك علَى بيْت يعْقوب إِلى الأبَد
وفي هذا النص عبارتان مهمتان
العبارة الأولي " بيت يعقوب " وتدل علي ان الابن المبشر به سوف يملك علي بيت يعقوب، وهم اليهود – وهذه بشارة صريحة ، والقول بعالمية الرسالة تكذيب لهذه النبوة،
والعبارة الثانية هي " كرسي داود " ومن العهد القديم نفهم ان مملكة داود كانت مملكة يهودية (وأتى رجال يهوذا ومسحوا هناك داود ملكا على بيت يهوذا واخبروا داود قائلين ان رجال يابيش جلعاد هم الذين دفنوا شاول ) ( صمئيل الثاني 2/4 ) وكذلك وصف ارميا مملكة داود في عهدها الجديد بمملكة يهودية (ها ايام تأتي يقول الرب واقطع مع بيت اسرائيل ومع بيت يهوذا عهدا جديد ) 31/31
وكما وصف النص اللوقوي مملكة يسوع بالأبدية كذلك وصف العهد القديم مملكة داود مملكة أبدية (ويأمن بيتك ومملكتك إلى الأبد أمامك ) 2 صم 7/16 ) وكذلك اعتبر الكتاب الملك يسوع عبدا من عباده في نبوة حزقيال عنه (ويسكنون فيها هم وبنوهم وبنو بنيهم إلى الأبد وعبدي داود رئيس عليهم إلى الأبد ) 37/25 )
لما سمعت المرأة الكنعانية بوجود يسوع علي التخوم ( متي 15/22-24 ) هرعت إليه تطلب منه الدعاء، لأن ابنها كانت مجنونة، ولو رئيت حال تلك المرأة وهي تهرول صارخة نحو يسوع لظننت ان هي التي بها الجن ولأشفقت عليها، لكن الكاتب يخبرنا ان يسوع قال لها : لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة
انحنت له تستعطفه فقال لها : ليس حسنا ان يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب
كلمات قاسية أشك في راويها
أما المراة فلم تيأس وقالت :  يا سيد. والكلاب أيضا تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها
وهنا رق له قلبه وشفت ابتها
وأمام هذا الموقف اللا انساني لا نستطيع ان نتجنب استنتاج محلية رسالة يسوع, وللقارئ ان يتخيل، كم مرة تكرر مثل هذا الموقف خلال السنوات الثلات للدعوة, وهل تقبل الكلاب والخنازير دعوته إن دعاهم
لن تقبل ولم يدعهم بل أمر وقال كما زعم كاتب إنجيل متى
لا تعطوا القدس للكلاب.ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير.لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزقكم
كيف لنا أن نتوهم ان من يجيب كل أجنبي  يطلب منه الدعاء بهذا الجواب الفظ, ويأمر بعدم تبليغ الدعوة إلي الكلاب والخنازير، كيف لنا ان نتوهم  ان تكون رسالته عالمية،

إن هذا الذي يقول لم أرسل إلا إلي خراف بيت إسرائيل الضالة وينبذ الأجانب بمثل هذه الألقاب – كلاب وخنازير – نجده أيضا يحذر أتباعه مرة أخري من نشر الدعوة خارج اليهودية
  هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلا.إلى طريق أمم لا تمضوا والى مدينة للسامريين لا تدخلوا. 
  بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة  ( متى 10/5-6 )

ان هذا لأمر صريح بعدم دعوة الأمم، حتى ان يسوع كان في كلامه في وجود الآخرين يتكلم بالرموز كي لا يفهمه الأمم، وقد بين سبب استخدام الأمثال أمام الأمم فقال : لكم قد أعطي ان تعرفوا إسرار ملكوت الله.واما للباقين فبامثال حتى انهم مبصرين لا يبصرون وسامعين لا يفهمون. (لوقا 8/10)
يتحدث اليهم بلغة مشفرة لا يدركها الأمم ! كي لا يفهموا – فإذا اختلي بتلاميذه اليهود يوضح لهم ما
.وإما على انفراد فكان يفسر لتلاميذه كل شيء ( مرقس 4/34 )
أما اعتبار السامريين من الأمم وثم عدم دعوتهم، فهذا  ليس ناتجا إلي عن عاطفة بشرية, ونحسب ان اضافة السامرية إلي النص ما هو إلا من الكلمات التفسيرية في الحاشية، أضيفت فيما بعد إلي المتن، فلا شك انها تعبر عن فكر الناسخ, لأن السامرة يهود واحتقار شريحة من اليهود لهم لا يلغي يهوديتهم
ومن الدلائل الجلية علي محلية الرسالة أمر يسوع بالبقاء في اليهودية وعدم الخروج منها حتى المجيئ الثاني
جاء في إنجيل متي
  ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى.فاني الحق أقول لكم لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان (10/23)
وعند القيامة المزعومة سأل التلاميذ يسوع وقالوا
يا رب هل في هذا الوقت ترد الملك إلى إسرائيل.  ( أعمال الرسل 1/6 )
وهذا السؤال إنما يدل علي توافق فهم التلاميذ مع فهمنا للنصوص، فهم أيضا اعتبروا يسوع ملك اليهود, واليهود فقط – ويتوافق فهمهم مع فهم المعلم إذ لم يخطئهم ولم يزد عن القول
ليس لكم ان تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها ألآب في سلطانه. .  ( أعمال الرسل 1/7 )

ويقال ان يسوع ما جاء إلا من أجل خلاص البشرية من الخطية الأصلية’ وهذا الإيمان أساس النصرانية’ فهل هذا الإيمان يثبت أمام نصوص الكتاب المقدس أم ينهار
وعند الحديث عن الفداء فان الذهن المسييحي عادة ترتسم أمامه نص يوحنا المشهور
لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ( 3/16 )
والنص غير محكم، فالعالم عن اليهود لا يتعدي الأسباط الإثني عشر’ وقد نظر يسوع ذات مرة إلي كل العالم من فوق سطح الجيل ( متي 4/8 ) فهل حقا يمكن لأحدنا أن ينظر إلي جميع العالم من فوق الجيل, بالطبع لا’ وإن صعد أحدنا علي سطح القمر فانه ليس بإمكانه رؤية العالم كله، وذلك بحكم شكل الكرة الأرضية، ومن هنا تفهم ان المقصود بالعالم الذي رآه يسوع ليس سوي فلسطين، وهذا ما تقول به شروحات الأناجيل  ( أنظر تفسير آلبيرت بانز لهذا النص ) [1]
وفي المقابل نجد النصوص الصريحة التي تفيد ان يسوع جاء لقومه ولم يأت لغيرهم وها هو لوقا يعلنها بصريح العبارة  ( مبارك الرب اله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداء لشعبه ) ( 1/66 )
ويكرر لوقا في الأعمال المنسوبه إليه إذ يقول (هذا رفعه الله بيمينه رئيسا ومخلّصا ليعطي إسرائيل التوبة وغفران الخطايا ) 5/31
وبولس نفسه الذي تزعم تبشير الأمم نجده لا يخفي حقيقة محلية الرسالة عندما يتحدث مع اليهود وجاء في رسالة العبرانيين التي ينسبها البعض إلي بولس، جاء فيها
لأنه يقول لهم لائما هوذا أيام تأتي يقول الرب حين اكمّل مع بيت اسرائيل ومع بيت يهوذا عهدا جديدا ( 8/8 )
ولم يعان بولس ما عاناه إلا من أجل اليهود كما أقر بنفسه في أعمال الرسل حيث يقول
فلهذا السبب طلبتكم لأراكم وأكلمكم لأني من اجل رجاء إسرائيل موثق بهذه السلسلة ( 28/20 )
مما سبق يتبين ان رسالة يسوع لم تكن رسالة عالمية وإنما رسالة محلية إلي بني إسرائيل
محمود أباشيخ
[1] Albert Barnes, Notes on the new testament: Matthew and Mark. P 35 Baker books Michigan 1998
الرجوع الي خربشات صوماليانو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق